الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية أحمد نجيب الشابي: ليس لديّ أي اتفاق مع حركة النهضة ولست مرشحها للإنتخابات الرئاسية

نشر في  02 جويلية 2014  (11:07)

ضيفنا اليوم هو  الأستاذ أحمد نجيب الشابي مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي الذي ظل منذ تأسيسه قبل نحو ثلاثة عقود معارضا، وهو اليوم رئيس الهيئة السياسية للحزب الجمهوري.. وقد عُرف الشابي بمواقفه في العديد من القضايا وكان من المعارضين  القلائل الذين لم يغادروا تونس ولم يطلبوا اللجوء السياسي  وعارضوا النظام  وهم داخل البلاد وهذه أصعب أنواع المعارضة، كان مدافعا شرسا عن الحريات وعن الديمقراطية وعن حقوق الإنسان وكان محامي المساجين السياسيين وخاصة مساجين النهضة والحركة الإسلامية، حاورته قبل الثورة وإلتقيته  للمرّة الثانية بعدها، وقد  بدا لي مختلفا هذه المرّة عن المرّات السابقة، متّزنا في كلامه، ديبلوماسيا في إجاباته  وحريصا على ان يظهر في صورة رجل الدولة أو الرئيس القادم خصوصا وقد أكد في هذا الحوار أنه ليس له خلاف مع أي طرف وأن همّه  الوحيد وهدفه الأوحد مصلحة تونس.. بقية تفاصيل الحوار تجدونها في الورقتين التاليتين..

تشهد الساحة السياسية حركية ملحوظة بعد تحديد موعد الإنتخابات، وبدأت الحملات الانتخابية لعديد الأحزاب والشخصيات، في المقابل هناك ضبابية وعدم اتضاح رؤيا بالنسبة للناخبين.. كيف تقيّم الوضع؟
- صحيح من منظور انتخابي هناك ضبابية في الوضع السياسي، لأن المواطن التونسي -حسب ما يبدو- لا يرى بوضوح مكونات المشهد السياسي، وباستثناء بروز طرفان في الأشهر الأخيرة ( النداء والنهضة)  اللذان استقطبا جزء من الرأي العام فإن  هناك عددا واسعا من المواطنين لم يحدد اختياره بعد، وحتّى البطء في الإستجابة للدعوة الى تسجيل هي دليل على أن هناك خيبة أمل وهناك تساؤلات أيضاً لدى المواطنين، وهذا شيء مفهوم لأن المواطن ينتظر من السياسي أن يحلّ مشاكل البلاد ويقودها نحو الأفضل .. لكن مع الأسف الشديد فإن السنتان اللتان مرّت على البلاد جعلت التونسيين في حالة انتظار، كانت هناك انتظارات عديدة في مجال تشغيل الشباب وتنمية الجهات والنهوض بالأحياء وهذا كلّه لم يتحقّق، علاوة على تدهور القدرة الشرائية عمّا كانت عليه في الماضي واهتزاز الوضعية الأمنية.. بحيث في الُمحصّلة هناك خيبة أمل..
 كيف ترى المستقبل إذن في ظل هذا الوضع المتميّز بقلة الثقة والتردد؟
- أعتقد أن التونسيين سيختارون لا محالة من سيقود المرحلة القادمة، وأعتقد أنهم سيحدّدون موقفهم  على مقياسين حسب رأينا...
 ما هما؟
- المقياس الآول هو نوعية القيم التي يحملها المترشح لتولّي مسؤولية، والثاني هو الرُؤية ومدى استجابتها لانتظارات التونسيين من عدمها.. وبالنسبة لنا كحزب جمهوري نحن لدينا قيم مبنية على أساس ممارسة طويلة تتلخّص في ثلاثة عناصر كبرى...
 ماهي هذه العناصر؟
- ديمقراطية جامعة لا تستثني أحدا من حقّه في المواطنة، وهذا ليس بشعار بقدر ما هو ممارسة طويلة،  العنصر الثاني يتمثل في القيم، وقيمنا هي القيم الإجتماعية والتكافل والتضامن والتقدم الإجتماعي وهي أيضاً ممارسة طويلة تعود إلى عقود من الزمن جعلتنا نتبنّى كل القضايا الإجتماعية العادلة .. أما العنصر الثالث فهو الوطنية التونسية التي تتمسّك باستقلال البلاد وأيضاً بهويته، وبالنسبة إلينا تونس ليست رقعة جغرافية تفتقد للتاريخ واللغة والثقافة والحضارة، بل بالعكس تونس بلد عريق له ثقافة وتاريخ ولغة، ونحن نعتزّ بذلك مثلما نعتز بالإنتماء لهذه الحضارة.. نحن حزب تقدمي عصري منفتح على الحياة وعلى العصر وعلى العالم.. وبالتالي هذه القيم هي قيم التونسيين.
 لكن القيم وعلى أهميتها لا تكفي وحدها، أليس كذلك؟
- بالفعل القيم وحدها لا تكفي، يجب أن تكون هناك نظرة سياسية للمستقبل، وفي هذا المجال نعتقد أننا نمتلك مقترحات تستجيب لانتظارات التونسيين، في التشغيل والتنمية والرفع من مستوى المعيشة وفي إعادة الأمن وإعادة سلطة الدولة.. هذه هي النقاط التي نعتبرها أولوية وهي تمرّ حتما بحضائر أهمّها التعليم لأن مشروع دولة الإستقلال الذي بدأ في تونس قام  على التعليم كمصعد إجتماعي للشباب من فئات اجتماعية مختلفة والذي قام أيضاً على تنمية الصحة وتنمية الجهات، وقد عملت الدولة في بداية الاستقلال على زرع أقطاب تنموية في مختلف الولايات دون استثناء... ولكن هذا المشروع إنهار بأكمله وتعطّل، وبالتالي فإن تونس في حاجة اليوم إلى قيادة سياسية تستأنف هذا المشروع وتعيد للتعليم مستواه ودوره وفي نفس الوقت تنهض بقطاع الصحة باعتباره مرفق عمومي أساسي علاوة طبعا على إصلاح الإدارة، لأنه يمكن أن يكون لدينا أفضل تشخيص وأفضل علاج لكن إذا لم تتوفر إدارة تتصف بالإنضباط والحماس والإنتاجية لتحقيق الأهداف المرجوة ستكون الدولة معطّلة...
 جميل هذا الطرح، وكل مواطن يتمنى أن تكون تونس في هذه الصورة التي قدّمتها والتي يمكن لحزبكم -حسب رأيكم- أن يجسمها على أرض الواقع، في المقابل هل تعترف بالأخطاء التي ارتكبتموها وهل يتحمّل الجمهوري هو الآخر نسبة من المسؤولية في ما وصلت إليه البلاد؟
- إسمح لنا ان ننسّب هذا الموضوع، الحياة هي متداولة وهي تتداول.. يمكن أن يخسر أفضل فريق انتخابي مباراة وهذا لا يعتبر أمرا خطيرا أو عيبا. من جهة أخرى لا بد من التذكير بأن في الديمقراطيات هناك حزبا يكسب وآخر يخسر وبالتالي لا يمكن ان تتوقف الحياة على محطة من المحطات.. في المقابل نحن نقر بأن الإتّعاض بالماضي ضروري لكسب رهان الحاضر. أمّا بخصوص ما إذا ارتكب الحزب الجمهوري أخطاء فهناك مستويين يمكن التوقف عندهما في هذا الإطار، أولا على مستوى الرّؤية السياسية لكل القضايا التي طُرحت قبل  الإنتخابات وإلى اليوم،  ويمكن القول أن هناك إجماعا اليوم على أن  الحزب الجمهوري كان سبّاقا في النظر إلى الأحداث، وبإمكاني هنا  أن أعطيك من الأمثلة مالا يُعدّ ومالا يُحصى، وبالتالي لا أعتقدأننا قمنا بأخطاء من هذه الناحية لا في توصيف الواقع ولا في تقديم المقترحات. لكن لا يكفي ان يكون رأيك سليما ونظرتك ثاقبة ورُؤيتك سبّاقة، بل يجب أن تطرحها بطريقة تمكّن المواطن من فهمها وتقبّلها..
 خلال حملتك الانتخابية الفارطة اعتمدت أساسا على مهاجمة النهضة ولم تتحدث عن برامج بالقدر الذي تحدّثت فيه عن خطر النهضة وما يمكن أن تضعه هذه الأخيرة من عقبات ومشاكل للبلاد، هل أخطأت في هذا التمشّي وهل ساهم تهجمك على النهضة في ارتفاع أسهمها الانتخابية؟
- هذا أيضاً فيه شيء من المبالغة لأننا نحن كنا أوّل حزب خرج ببرنامج وعرَضه خلال اجتماع كبير احتضنه فندق الشيراتون وحضره أكثر من 400 شخصية، وهو لازال موجود على مواقع الأنترنات وأنا مستعدّ لمناقشته الآن والدفاع عنه وعن كل ما تمّ رسمه من توجّهات، وبالتالي يمكن القول أنه وقع الحديث عن البرنامج ورُوّج له.. لكن الانتخابات لا تقع دائماً بناءا على البرامج وإنّما تقع أحيانا بناءا على الميولات العاطفية.. نحن كنّا بالفعل في منافسة مع النهضة ووجّهنا انتقادات تقوم على أن هذه الحركة كانت تفتقد إلى رُؤية  وإلى برنامج وبالتالي كانت تستعيض عنه بالخطاب الديني، وقلنا أيضاً أن النهضة تحمل ميولات هيمنية.. وعندما نشاهد ونلاحظ ما حصل في البلاد خلال فترة الثلاث سنوات نجد أنه لم تكن هناك بالفعل لا برامج ولا رُؤية  وهو ما كُلّفَ المجتمع التونسي ثمنا باهضا.. اليوم أنا لا انظُر إلى الماضي لأنني أعتبر أن الحياة لا تتوقّف في لحظة من لحظات الماضي لأنها تطوّر مستمرّ، وبالتالي أنت تسألني على الماضي وأنا أجيبك بأن الأيام أثبتت أن الانتقادات التي وجهناها إلى النهضة لم تكن إفتراءًا، لكن المواطنين في تلك الفترة لم يكونوا مستعدّين ليستمعوا إلى ذلك الخطاب وكانوا يميلون أكثر إلى الناس الذين يحرّكونهم في اتجاه القطيعة مع النظام السابق، ونحن كان في تقديرنا أن القطيعة تمّت وأن المستقبل يتوقّف على ما يمكن أن نطلقه من مبادرات وسياسات في مختلف الميادين. ومرّة أخرى أقول إن كانت هناك أخطاء فهي أخطاء اتّصالية أكثرها تتعلّق بفن التواصل مع الناس.
 قلت أن الناس كانوا يميلون لمن يحرّكهم أكثر في اتجاه القطيعة مع النظام السابق، لكن ألا ترى أن الحديث عن النظام السابق عاد بأكثر قوّة وأن هناك مقارنة بين الحال الذي كنا عليه سابقا وما وصلنا إليه اليوم خصوصا بعد فشل الترويكا في إدارة شؤون البلاد؟
- أنا واتّعاضا بالماضي لا أريد التهجّم على أيّ طرف وإنّما أقول ما يمكن أن يجمع عليه الناس، وهو إن وقعت ثورة في تونس فإن ذلك لم يكن من قبيل الصدفة وإنما كان  بسبب انهيار المشروع الوطني على مستوى التعليم والصحة والتنمية الجهوية والتشغيل وعلى  مستوى النظام السياسي الذي كان متكلّسا ومتخلّفا.. هذا كلّه دفع المجتمع إلى الثورة،  وبالتالي يجب أن تشكّل الثورة في هذا المستوى قطيعة مع الماضي وأن تنهج نهجا ينهض بهذا المشروع الوطني من جديد ويحقّق هذه الانتظارات، الآن في الثلاث سنوات ونصف.. هل وقعت هذه القطيعة؟ بالطبع لم تقع، وبالتالي المشاكل لم يقع حلّها بل تفاقمت عمّا كانت عليه.. الآن لا يمكن أن يكون التونسيون مخيّرون بين إخفاق المنظومة السابقة وبين تجربة لم تتمكن من معالجة هذا الإخفاق، لذلك نحن نسعى إلى تقديم مشروع للتونسيين يكون بديلا لهذا الوضع ويكون قطيعة مع أسباب الإخفاق وطرح يمكننا من النهوض بالجهات وتحقيق التشغيل والرفع من مستوى المعيشة.. ولا تقُل لي أن هذا الكلام جميل لأنه سبب الثورة وهذه انتظارات التونسيين وهذا سبب خيبة أملهم من السياسيين لأنهم لم يطرحوا طرحا من شأنه أن يفتح طريقا جديدا يسمح لنا بالنهوض بالمشروع الوطني الذي انهار قبل الثورة.
 ما يلاحظ من خلال تصريحاتك إلى حدّ الآن أنك أصبحت مسالما جداً، وفي هذا الإطار اسمح لي ان أسألك عن سرّ علاقة الود التي أصبحت تجمعك بحركة النهضة، وما حقيقة اعتزام هذه الأخيرة ترشيحك للانتخابات الرئاسية وتقديمك كرجل وفاق وطني؟
-  كوني لا أحب المزايدة فأنا لم أحبها في حياتي، كوني مسالم مع الأصدقاء أنا فعلا مسالم، لكن لا اعتقد أنني تأخرت لحظة في الإصداع بكلمة الحق طيلة حياتي، ودفعت مقابل ذلك الثمن الذي يجب ان يُدفع. أما في خصوص سؤالك عن حركة النهضة فهو مبنيّا على التخمينات لأنه لا شيء في الواقع يُؤسّس لهذا السؤال، النهضة تقول الآن بأنها قد لا تُرشّح وقد تُرشّح، وإذا لم تُرشّح فهي تسعى لخلق توافق حول شخصية دون ان تقول من هي هذه الشخصية، وبالتالي النهضة لها تمشّيا ونحن لدينا تمشّيا آخر..
 ماهو ؟
- نحن نقول لا يُمْكِنُ ان يختار رئيس الجمهورية غير التونسيين من خلال صناديق الإقتراع وبالتالي والأصل ان تكون هناك منافسة شريفة وشفافة بين الشخصيات آلتي ترى في نفسها القدرة على إدارة المرحلة القادمة والنهوض بأوضاع البلاد والقيام في نفس الوقت بوظائفها كما حدّدها الدستور، عليهم التقدّم إلى صناديق الإقتراع. وبالنسبة إلينا نحن لسنا مع التمشّي الوفاقي من أجل انتخاب رئيس الجمهورية لأننا لا نرى له أساسا في الواقع ولا نرى له انسجاما.. لماذا تعددية  في المجلس وتوافقية في الرئاسية؟
 لكن هل تنفي وجود نيّة أو احتمال داخل حركة النهضة لتقديمك كمرشح وفاق وطني؟
- لا شيء في الواقع يقول انني مرشح حركة النهضة، وأنا أؤكد لك بهذه المناسبة إن ترشّحت فسيكون قرارا ذاتيا وسيكون حزبيا حزبي هو أوّل من سيعلم به وأهمّ من سأستند عليه، وإذا كان المشروع الذي أرفعه تقاطع مع أية قوّة سياسية تونسية ورأت أنه يمكن ان يقع التعاون عليه في المرحلة القادمة مرحباً بذلك، أنا لا يُقلقني هذا الأمر ثمّ أن التعاون مع حركة النهضة ليس  تُهمة، لقد تعاونت معها عندما كانت خطا احمر وعندما كانت جريمة وتحمّلت مسؤولية ذلك دون تردّد وبالتالي لو أرى أن مصلحة تونس تقتضي ذلك لن أتردّد، ثمّ إذا كان هناك من يتصوّر أن المناصب تُغريني أذكّر بأن حياتي كلها تقيم الدليل على عكس ذلك والحكومات التي تعاقبت على تونس عرضت عليّ في العديد من المناسبات المشاركة في الحكم ولم أقبل ذلك والأحداث أثبتت أنني كنت محقّاً..
 بمعنى إذا قالت النهضة ان مشروع السيد نجيب الشابي يتقاطع مع مشروعي وهو سيكون مرشحي للانتخابات الرئاسية ستقبل أن تكون مرشحها؟
- بالرغم من أن السياسة لا تسير هكذا بالتخمينات، أقول لو حصل ذلك مرحباً، وماهو المشكل في ذلك؟ أنا ليس لي اي مشكل مع أية قوّة سياسية تونسية يمكن أن نتعاون معها على خير ومستقبل تونس، وأنا أذهب معك إلى اكثر من ذلك سواء كنت في المنافسة أو لم أكن، فإن القوى التي ستخرج من صندوق الإقتراع إذا لم تهتدي إلى وفاق وطني في المرحلة القادمة ستبقى تونس <باركة» وستغرق اكثر، فمن يُحب تونس عليه أن ينظر نظرة متجرّدة عن الذات، ومن شروط هذا الوفاق الوطني الإنفتاح على كل القوى السياسية،  وبالتالي أنا ليس لدي أي اتفاق مع النهضة ولست مرشحها بل أنا لم أُقرّر بعد الترشح للانتخابات الرئاسية وإذا ما ترشحت فسأترشح بعد العودة لحزبي الذي أعتمد عليه، وكل القوى التي ترى في نهجي وفي شخصي ضمانة لتونس وتريد تأييدي مرحباً بها.
 علاقتك بحركة نداء تونس والباجي قائد السبسي عرفت بعض الفتور مقارنة بما كانت عليه، هل يمكن الحديث عن قطيعة نهائية وهل قضت الخلافات بينكما على أي مشروع عمل مشترك؟
- أفضل الحديث عن الماضي والحاضر حتّى نتجنب شتم المستقبل، تقاربنا مع نداء تونس كان على أساس طرح تشكيل جبهة سياسية  انتخابية، استفقنا وبصفة مبكّرة بأن هذا الهدف ليس هدفا مشتركا واتّضح الآن أن النية لم تكن إقامة جبهة  انتخابية بل هي مشروع حزبي اتّضحت طبيعته في المرحلة الأخيرة، وبالتالي ليس لنا ما يجمعنا في هذا المجال مع نداء تونس، اختلفنا في السنة الماضية سياسا في أهمّ المحطّات وانتخابيا اتضح أن نداء تونس ليس له نيّة إقامة جبهة انتخابية وهو مُحق في ذلك، هذا حقّه لكن كان عليه أن يكون واضحا من البداية، وعليه هذا المشروع تعطّل فانسحبنا دون صخب.. نتمنى النجاح للنداء في ما يسعى إليه، هو له تمشّيه ونحن لنا تمشّينا، هو له مشروعه ونحن لنا مشروعنا.
 تحدّثت عن بروز قوّتان في الساحة السياسية هما النهضة ونداء تونس، فإذا كان للنهضة شعبيتها التي كسبتها على مدى سنوات طويلة ماهي حسب رأيك الأسباب التي أدّت إلى هذه الشعبية التي بات يتمتع بها نداء تونس رغم حداثة عهده؟
- بالرغم من كوني فاعلا سياسيا لست مطالبا بتقمّص شخصية المحلّل، لكن تنازلا عند رغبتك أجيبك بأن هناك ثلاثة عناصر ساعدت على هذا البروز أوّلها الشخصية الكاريزماتية لصاحب المبادرة الذي يتمتع بالخبرة واللباقة والخطاب  لعبت  دورا في هذه الشعبية، العنصر الثاني هو أن المشروع قام على أساس جمع وطمأنة الناس الذين  كانوا يخافون النهضة بعد وصولها للحكم وهو ما خلق نحوه ميل واسع من عديد القطاعات التي خشيت مشروع حركة النهضة في تونس، أمّا الثالث فهو اعتماده على هياكل التجمع الدستوري.. كل هذه العناصر متجمّعة أعطت هذه الحالة السياسية، وأنا عندما أقول ان هناك حركتان تستحوذان على السبق في المجال الإعلامي والسياسي فذلك لا يعني ان مستقبل تونس سيكون بيد أحدهما، حتّى حسابيا لن  يكون بإمكان أية حركة منهما ان يكون لديها أكثر من 63 نائبا في المجلس القادم، وإذا ماعتبرنا ان هذين القطبين سيحصل كلاهما على 63 مقعدا سيكون هناك في المقابل 96 مقعدا لبقية الأحزاب، وبالتالي ستكون هذه القوى مضطرّة  للتعامل مع الواقع.. من ناحية أخرى أريد الإشارة إلى أن النتائج التي تقدّمها شركات سبر الآراء تفيد بأن زهاء الخمسون في المائة لم يختاروا لا هذا ولا ذاك وأنهم لا زالوا في حالة انتظار وليس لهم وضوحا في الرّؤيا حتّى يختاروا وهذا يخلق مجالا لتدخّل قوى سياسية أخرى يمكن ان تطرح بديلا.
 هل تخشى أن يُعاد سيناريو انتخابات أكتوبر عندما تشتّت الآصوات بسبب تواجد المئات من القائمات الانتخابية الحزبية والمستقلّة ؟
- التعدّد شيء محبوب  والتشتّت شيء منبوذ، ولكن التشتت ليس بدعة تونسية وجميع الإنتقالات الديمقراطية عرفت حالة من التشتت، هذه الحالة وصلت مداها سنة 2011 وأتوقّع أن تكون أقلّ حدّة في الانتخابات القادمة، المشكلة في الانتخابات الفارطة هي أن الصف الديمقراطي لم يكن مُوحّدا ومتماسكا مما سهّل على النهضة أن تجلب لها طرفين منه ووقع اختلال التوازن ولو لم يقع ذلك ربّما كانت المسيرة مختلفة تماماً.. يمكن اليوم في سنة 2014 ان تدخل قوى الوسط الديمقراطي  والإجتماعي بقائمات متعدّدة لكن لو تضع ميثاقا  لنفسها حول كيفية إدارة الشأن التونسي بإمكانها أن تخرج بكتلة نيابية تُضاهي الكتل الأخرى..
 التونسيون سئموا السياسة والسياسيين، هل هناك خوف من احتمال نفور الناس من الانتخابات القادمة وعدم مشاركتهم في العملية الانتخابية؟
- هذا العزوف والملل والإنكفاء  هو  أكبر خطر يواجه المجتمع التونسي وهو نتيجة مسار الثلاث سنوات الماضية، لكن قدر التونسيين أن يذهبوا لصناديق الإقتراع لأن من سيقرّر عدم الذهاب سيختار مكانه من يذهب  للانتخابات وبالتالي يقرّر مصيره، يجب أن يدرك التونسيون أنهم مسؤولون عن مستقبلهم وهم مطالبين بالإنخراط في العملية السياسية والنزول بثقلهم ليُوجّهونها في الإتجاه الذي يتمنّونه.
 أداء حكومة المهدي جمعة، ماذا تقول عنه؟
- لها وعليها.. لم تقصّر وتشكّلها أحدث تهدئة سياسية كنا في حاجة أكيدة إليها وهي تجنّبت أخطاء من شأنها تفجير الوضع الإجتماعي، أيضاً نشعر براحة أكثر في المجال الأمني وأصبحنا في وضع أفضل مما كنا عليه، وهذا يُحسب للحكومة الحالية، لكن الأرقام الإقتصادية مُخيفة، التنمية تحت الصفر، المديونية ارتفعت بنسبة 12,3 بالمائة، الاستثمار إنهار بحوالي 13 بالمائة وعلى مستوى الصناعات المخصصة للتصدير بنسبة 70 بالمائة، علاوة على الصعوبات في قطاع السياحة وتفاقم غلاء المعيشة، فالأداء الإقتصادي والإجتماعي كان ضعيفا و ذلك مفهوما والمهمّ تضل البلاد إلى انتخابات نزيهة  في مناخ آمن نسبيا، وننتظر منه إجراءات جريئة لضمان حياد الإدارة ومحاصرة  ظواهر العنف في الحياة العامة.
 ماهي مآخذك على رئيس الجمهورية المؤقت؟
- الرئيس اختار منظومة تجرّد رئاسة الجمهورية من كل الصلاحيات، وبالتالي قياسا لصلاحياته لا يمكن لي أن أقول أننا كنا ننتظر شيئا ولم يقع هذا الشيء لأنه هو من اختار ومن هذا المنظور هو مسؤول على ما وقع في هذه المدة والذي كان موقعه فيه محدودا، وهذا لا يخفف المسؤولية..
 إجابة غير مقنعة تدخل في خانة الإجابات الديبلوماسية!
- ليست ديبلوماسية ولكنّي لا أرى داعيا ولا سببا ولا مبررا للانخراط في حملة ضدّه اليوم..
 هل تخلّت النهضة عن مشروع أسلمة الدولة؟

- لا اعتقد أنها تخلّت عن أهدافها  بل  قد تكون أجّلتها..

أجرى الحوار: عادل بوهلال